العالم النيوتوني واحد من السبب والتأثير. الأشياء تتحرك كما يفعلون، وفقاً للقوانين الكونية للفيزياء. إذاً، إذا عرفنا الموضع الحالي لشيء، وعرفنا القُوى المؤثرة عليه، نستطيع أن نتنبأ المواضع المستقبلية للشيء. هذا ما يخبرنا به قانون نيوتن الثاني. إذاً، سنقول أنّ الحركة، في هذه الحالة، حتمية، تماماً مثل التوابع التكرارية، والأنظمة الديناميكية، أو المعادلات التفاضلية التي درسناها، هي حتمية. إذا عرفنا نقطة البداية، ونعرف القاعدة التي توجّهها، عندئذٍ الطريق وحيد، مضمون الوجود، وإنّه محدد فقط بمعرفة قيمة البداية، الشرط الإبتدائي. إذاً، إذا كانت هذه الفكرة تطبّق على شيء واحد، من المحتمل أنّها ستطبّق على الأشياء الأخرى، ولما لا لجميع الأشياء في الكون، وربما نحن لا نعرف كل القوانين في الكون بعد، لكن في الرأي النيوتوني، يوجد هناك قوانين، هناك شيء ما يحدد كل هذا، ولذلك إذا مددنا هذه الفكرة، سنُقاد إلى الاستنتاج أنّ الكون ذاته حتمي، حيث أن الطريقة التي ستكون بها الأمور غداّ محددة ربما لا نعرفها، لكنها نتيجة منطقية محتومة لما هي عليه الأمور اليوم. سيكون هنا غد واحد بالفعل إذاً، إن استقرأنا هذه الأفكار قليلاً، سنواجه الكثير من الألغاز، وهذه معلنة وملخصة على نحوٍ شهير في فقرة بواسطة لابلاس منذ بدايات الـ 1800. كتب لابلاس: "نستطيع أن نعتبر الحالة الحاضرة للكون كتأثير لماضيه و سبب لمستقبله. المفكر الذي سيعرف في لحظة معينة كل القوى التي تؤثر بالحركة في الطبيعة، وكل المواضع لكل العناصر التي تتألف منها الطبيعة، إن كان هذا المفكر شامل بما فيه الكفاية ليُخضع هذه البيانات للتحليل، سيصل إلى صيغة واحدة لتحركات الكون من أعظم الأجسام فيه إلى أصغر ذرة لهكذا مفكر، لا شيء سيكون غامض والمستقبل مثل الماضي سيكون حاضر أمام عينيه." هذا المفكر الضخم يشار إليه الآن غالباً بـ "شيطان لابلاس" لم يستخدم هذا المصطلح عندما كتب هذا، لكن هذا المصطلح المستخدم لهذه الفكرة الآن. شيطان لابلاس غالباً يستخدم لاستكشاف أسئلة الإرادة الحرة. إذا كان الكون ميكانيكي وحتمي كما يقترح لابلاس، عندئذٍ يكون قد تم تحديد كل شيء بالفعل، إنّها نتيجة محتومة من الحالات الحالية اليوم. أنا بالتأكيد لست مفكر ضخم قادر على رؤية المستقبل كما لو أنّه الحاضر، لكن حتى وإن لم يكن هناك مفكر ضخم، هذا لا يغير حقيقة أنّ المستفبل قد تمّ تحديده بالفعل، وحقيقة أنّ الحاضر كان قد حُدّد بواسطة الماضي بالفعل، وهذا يتعارض مع فكرة الإرادة الحرة، بأنّنا لدينا خيارات، وهذا كله - على الأقل بالنسبة لي - كثير أكثر من اللازم قليلاً لتفكير به، أعني،أشعر أني قررت أن أقول اطبخ تفو حار على عشاء الليلة الماضية، هذا بأنه لم يكن محدد اليوم السابق، أو في 1850، أو في 750. أشعر أنّه لدي خيارات الآن، فيما أقوله لكم، وكان لدي خيارات في هذا، والذي قلته للتو، ولم يكن كلّه محدد، وأنّني موجود حقاً هناك، وإنّه فقط يصبح كثيراً لـ... أعني، من... ويجب أن آخذ استراحة، و.... .... ربما أنا لم أكن مقرراً أن آخذ استراحة، ربما كان هذا محدداً من قبل .... ! حسناً، أنا لا أعرف أي شيء قريب كفاية للفلسفة لأعرف أين أبدأ بالتفكير بالإرادة الحرة. إنّه سؤال مثير للاهتمام، بالتأكيد، لكنه في الواقع ليس لهذا ذكرت شيطان لابلاس. بالنسبة لي، أكثر شيء مثير للاهتمام حول شيطان لابلاس، لهذه الدورة، أنّه يوضح ببلاغة الكثير مما تطمح له العلوم، - لنقترب من شيطان لابلاس قدر الإمكان. شيطان لابلاس يبدو كفكرة ساذجة، وأعتقد أنّ لا أحد، يعتقد أنّه أي شيء ممكن تحقيقه أو ممكن إنجازه، لكنه يقول نوعاً ما الاتجاه الذي تحاول العلوم التحرك له، لتحاول أن تقترب أكثر وأكثر من شيطان لابلاس المثالي هذا. الآن، فعل هذا يتطلب، أعتقد على الأقل ثلاثة أشياء: أولاً: قياسات دقيقة. الفكرة الكاملة لهذه الرؤية الحتمية هي أنّ المستقبل محدد بالشروط الحالية، لذلك نحتاج أن نفهم الشروط الحالية بشكلٍ جيد جداً، لذلك نحتاج الكثير من البيانات الدقيقة والجيدة. ثانياً بالطبع، نحتاج أن نعرف القوانين، أو القواعد، أو المعادلات التي تحكم النظام - أو الأنظمة -المهتمين بها: وثالثاً، نحتاج لطاقة حوسبة كافية، إذاً هذا، نظراً لتلك القوانين، ونظراً للشروط الإبتدائية، نستطيع أن نتنبأ ماذا سيكون سلوك المستقبل. خلف كل هذا، أعتقد، أنّ فكرة أنّ العالم يجب أن يكون مفهوماً، بحيث يجب أن نكون قادرين على أن نحدد القياسات، نكتشف القوانين، نكتشف القواعد - ربما حتى القواعد التقريبية، ومن ثم استخدام طاقة الحوسبة لاكتشاف ماذا سيحدث، وثم ربما تغيير الذي سيحدث. إذاً، على سبيل المثال، إن كان أحدٌ ما يفكر بمعالجة السرطان، أو بإيجاد علاج، لنوع معين من السرطان، يبدو أنّه لو كنا نعرف القليل عن الكيمياء الحيوية، فهمنا القليل من علم الوراثة، وكان لدينا المزيد من المعلومات، لعرفنا تماماً ماذا يحدث داخل الخلية، وإن كان لدينا طاقة حوسبة كافية لنصقل ونحصي كل الأنواع المختلفة من الإمكانيات، حسناً، ربما لن نعالج السرطان بشكلً كامل، لكن يجب أن نكون قادرين على الاقتراب أكثر وأكثر لفهم السرطان، لنأتي بعلاج أفضل. على أي حال، أعتقد أنّ الطموح نحو شيطان لابلاس هو وصف جيد لكثير مما يجري في العلوم. الاعتقاد هي أننا إن كنا فقط نستطيع أن نقيس الأشياء بدقة أكثر أو كان لدينا فهم أفضل للقوانين التي تحكم الظواهر المهتمين بها وكان لدينا طاقة حوسبة إضافية، سنقترب أكثر وأكثر من الحقيقة. لا أعرف أنّ هذا يصف كل النشاط العلمي، لكن أعتقد أنّه يصف الكثير منه، و أحد الأفكار الرئيسية خلف هذا هي أنّ هناك قوانين، هناك قواعد، هناك بعض الحتمية، وعندئذٍ نستطيع أن نسأل: إن كنا نعيش في عالم حتمي قائم على القواعد، ماهي أنواع الأشياء الممكنة؟ يبدو مملاً نوعاً ما. في أول وحدتين بهذه الدورة، قدّمت نوعين من الأنظمة الديناميكية، والنظام الديناميكي هو فقط نوع من القواعد. إذاً، لقد درسنا التوابع التكرارية، والمعادلات التفاضلية، وهذه الأنواع من الأنظمة الديناميكية - قواعد أو قوانين مستخدمة بشكل شائع لوصف الظاهر المادية ولكل أنواع الظواهر، المعادلات التفاضلية خصوصاً، إنّهم تقريباً لغة الفيزياء، وأجزاء من الهندسة. إذاً، نستطيع أن نسأل إذن، وهذا هو الممر للأنظمة الديناميكية: نظراً لدرس الأنظمة الميكانيكية - المعادلات التفاضلية، أو التوابع التكرارية - ماذا تستطيع أن نفعل هذه المعادلات؟ أي نوع من سلوك الديناميكي نرى؟ وعلى نحوٍ لا يمكن إنكاره، الإجابة لهذا السؤال - لحد الآن - كانت مملة قليلاً. لقد رأينا نقاط ثابتة، ولقد رأينا سلوك يسعى نحو اللانهاية، أو اللانهاية السالبة، لكن كل هذا سيتغير في الوحدة التالية، حيث سنصادف سلوك معقد ومثير للاهتمام بشكل مفاجئ، مع الشواش وتأثير الفراشة. إذاً، سنراكم الأسبوع المقبل في الوحدة 3.