1.3 الخصائص المعروفة للنظم المركبة الآن, بعد أن شاهدنا العديد من الأمثلة عن الأنظمة المركبة دعونا نحاول استخراج بعض الخصائص الأخرى لتلك الأمثلة التي شاهدناها الخاصية الأولى هي تلك التي ذكرتها عدة مرات تتكون الأنظمة المركبة من مكونات بسيطة غالبا ما تسمى "وكلاء" بمعنى, أن هذه المكونات بسيطة نسبة إلى المنظومة ككل أحدى الخصائص الآخرى المعروفة هي أن مكونات المنظومة المركبة تتفاعل بطرق غير الخطية سوف نتحدث عن ما يعنيه المصطلح "غير خطي" في الوحدة القادمة ولكن بصفة عامة, المصطلح يعني أن المكونات تتفاعل بطريقة معينة لا يمكنك ببساطة تجميع أنشطتها لاستخلاص ما تقوم به المنظومة ككل بطريقة أبسط, يمكننا القول أن الكل (المنظومة ككل) أكبر من مجرد مجموع الأجزاء المكونة له هذا ما يعنيه مصطلح غير خطي حقاً سوف نعود إلى هذا المصطلح لاحقاً رأينا أيضاً في المنظومات التي تناولناها أن المكونات لم تكن محكومة بأي سلطة مركزية لا يوجد متحكم مركزي للنمل أو الجهاز المناعي أو في اقتصادنا أو في أي أمثلة أخرى قمنا بعرضها بدلا من ذلك ما رأيناه هو أن المنظومة كانت قادرة على تنظيم نفسها بطريقة لا مركزية وأخيراً, فكرة رئيسية مهمة في جميع الأنظمة المركبة هو المفهوم المسمى بـ "السلوك الناشئ" ( أوالمنبثق) مفهوم النشوء (أو الانبثاق) هنا يشير إلى خصائص المنظومة التي لا يمكن فهمها بسهولة من المكونات الفردية للمنظومة أو من المجموعات الصغيرة من هذه المكونات الفردية بل يتم فهمها عن طريق النتيجة الجماعية للمنظومة بأكملها ويجب أن يتم فهم السلوك المنبثق على مستوى المنظومة وليس على المستوى الفردي دعونا نقدم بعض الأمثلة على أنواع السلوكيات الناشئة (المنبثقة) التي تحدثنا عنها النوع الأول يمكن أن نطلق عليه اسم "التنظيم الهرمي" هذا يشير إلى أشياء مثل الكائنات البيولوجية التي لديها بنية هرمية بدءا من الخلايا إلى أعضاء الجسم إلى الأجهزة الأكبر إلى الجسم ككل وحتى إلى جاليات المجتمع ككل كيف تنشأ هذه الرتب والبنية في المقام الأول وكيف تتفاعل المستويات المختلفة كلها أسئلة مهمة في مجال الأنظمة المركبة في هذا المقرر سوف نرى بعض الأمثلة على الأنواع المختلفة من التسلسلات الهرمية نوع مختلف من السلوك الناشئ (المنبثق) هو معالجة المعلومات بمعنى, أن المنظومة ككل تحصل على معلومات من البيئة المحيطة وعن وضعه واستخدام هذه المعلومات لاتخاذ قرارات ككل عن السلوك الذي يجب اتباعه المكونات للمنظومة لا تجمع المعلومات أو تتخذ القرارات بشكل فردي هذا النوع من معالجة المعلومات لا يتم إلا من خلال المنظومة ككل سوف نرى كيف لنظم مركبة مثل مستعمرات النمل, جهاز المناعة, إلخ.. قدرة على معالجة واستخدام البيانات بصورة جماعية لتحقيق الكفاءة للمنظومة ككل مثال آخر للسلوك الناشئ (المنبثق) هو ما يسمى ب"الديناميات المركبة" للمنظومة ديناميات كلمة تشير إلى كيفية تغيير المنظومة في أنماطها في المكان والزمان على سبيل المثال قد نرى النمل يبني مسارات حتى تتمكن المستعمرة ككل من اتخاذ نمط معين يتغير بصورة مركبة على مدار الزمن يمكن أيضاً التفكير في أسعار الأسهم التي تتغير بطريقة معقدة وغير متوقعة الديناميات المركبة خاصية موجودة في كل الأنظمة المركبة التي سنراها أخيرا, في كل من هذه المنظومات نرى "تطور وتعلم" جميع المنظومات سواء كانت بيولوجية أو اجتماعية أو تكنولوجية تبدي نوعا من التطور بالمعنى الدارويني وهذا التطور في كثير من الأحيان يؤدي إلى التكيف أو التعلم بمعنى, أن المنظومات تطور وتحسن نفسها للبقاء أو التكيف بشكل أفضل مع البيئة وسوف نركز على هذه النقطة كثيراً في هذا المقرر