ربما لاحظت أنه في وحدات فرعية سابقة لقد قمت بالتكلم كثيراً عن التركب بطريقة غير رسمية لكني لم أقم بتعريف مصطلح "التركب" وهذا لسبب اتضح أن تعريف التركب أمر صعب أو بتعبير أدق المصطلح لديه الكثير من التعريفات المختلفة في المجالات المختلفة كيف يتمكن إذاً الباحثين في مجال النظم المركبة من قياس تركب النظم؟ قام "سيث لويد" بكتابه ورقة بحثية اسمها "مقاييس التركب: قائمة غير حصرية" تقدم حوالي اثنين وأربعين تعريف مختلف أو طرق لقياس التركب بما في ذلك "معلومات شانون"، "التركب الحسابي"، "أبعاد الكسيريات"، و"عمق الديناميكا الحرارية" إلخ.. هل هناك تعريف واحد شامل صالح لتعريف التركب؟ هذا أمر مشكوك فيه جداً هذه التعريفات المختلفة مفيدة لقياس الجوانب المختلفة للنظم في هذا المقرر سوف نتحدث بعمق حول اثنين من التعريفات "معلومات شانون" و"أبعاد الكسيريات" وكيفية استخدامهم وأسباب نفعهم وسوف نقوم أيضا بمناقشة المشكلة العامة لتحديد وقياس التركب في العالم الحقيقي قبل المضي قدماُ, أريد أن اتناول الأفكار المتعلقة بالتركب في واحدة من الأوراق البحثية الكلاسيكية الممتازة اسمها "العلم والتركب" المكتوبة بواسطة عالم الرياضيات الأمريكي "وارن ويفر" في عام 1948 قسم "ويفر" المشاكل ذات الأهمية في العلم إلى ثلاث فئات: الفئة الأولى أسماها "المشاكل ذات البساطة" هذه هي المشاكل التي تنطوي على عدد قليل من المتغيرات بعض الأمثلة: الربط بين الضغط ودرجة الحرارة في الديناميكا الحرارية أو في الكهرباء: الربط بين التيار، والمقاومة والجهد أو في تعداد السكان: ربط ديناميات السكان مقابل الوقت هذه هي نوعية المشاكل التي تم تناولها في القرن ال19 وأوائل القرن ال20 في الفيزياء، والكيمياء، والاحياء، إلخ .. ثم يذهب "ويفر" إلى فئة ثانية من المشاكل سماها "مشاكل التركب غير المنظم " هذه هي المشاكل التي تنطوي على مليارات أو تريليونات المتغيرات مثال لهذه النوعية من المشاكل تكمن في فهم القوانين التي تحكم درجة الحرارة والضغط الناشئة عن تريليونات من جزيئات الهواء غير المنظمة في محيط ما أو في الغلاف الجوي يتم فهم هذه القوانين من خلال اتخاذ "المتوسطات" على نطاق واسع من المتغيرات عندما نريد فهم القوانين المتعلقة بدرجة حرارة فإننا لا ننظر الى الموقع أو الطاقة المنبعثة من كل ذرة هواء منفردة ولكننا نفهم الحرارة كـ"متوسط" الطاقة المنبعثة من تريليونات الجزيئات و"علم المتوسطات" يأتي تحت باب "الميكانيكا الإحصائية" التي تتعامل مع هذه الأنواع من المشاكل المفتاح هنا هو أننا نفترض أن التفاعل بين المتغيرات ضعيف وهذا ما يسمح لنا باتخاذ متوسطات معبرة في حالة قياس درجة الحرارة للغازات الكل هو مجموع أو المتوسط المكافئ للأجزاء الفئة الأخيرة هي "مشاكل التركب المنظمة" هذه هي المشاكل التي تشمل الأمثلة التي تناولناها في السابق المشاكل التي تهم الباحثين في النظم المركبة هذه هي المشاكل التي تنطوي على عدد متوسط إلى كبير من المتغيرات ولكن المفتاح هنا هو أنه نظراً للتفاعلات غير الخطية القوية لا يمكن استنتاج متوسط معبر أو ذا معنى مرة أخرى, سوف نتحدث بشكل أكثر دقة حول معنى "غير خطي" في الوحدة القادمة يميز "ويفر" هذه المشاكل إلى "مشاكل تنطوي على التعامل مع عدد كبير نسبياً من العوامل في نفس الوقت التي تترابط في أساس كلي" مما يبرز مفهوم النشوء (الانبثاق) الأساس الكلي يشير إلى السلوك الناشئ (المنبثق) من المنظومة يعطي "ويفر" في ورقته البحثية قائمة من الأسئلة كأمثلة على مشاكل التركب المنظم من الملفت للنظر أنه على الرغم من نشر ورقة البحث الخاصة بـ"ويفر" في عام 1948 فإن كل المشاكل المشار اليها في بحثه مازالت أسئلة مفتوحة في مجال النظم المركبة بالرغم من مرور حوالي سبعة عقود من الزمن سوف أقوم بعرض بعض من هذه الأسئلة هنا ما الذي يجعل زهرة الربيع تتفتح عندما يحدث ذلك؟ ما هو تعريف الشيخوخة من وجهة نظر علم الكيمياء الحيوية؟ ما هي الجينات؟ وكيف يمكن للتكوين الأصلي للجينات أن تعبر عن الخصائص التي نمت لدى الكبار؟ علام يعتمد سعر القمح ؟ كيف يمكن تثبيت سعر العملة بحكمة وفاعلية؟ كيف يمكن للمرء أن يفسر نمط سلوك جماعة منظمة من الأشخاص مثل نقابة عمالية أو مجموعة من شركات الإنتاج أو أقلية عرقية؟ يزعم "ويفر" أن "هذه المشاكل معقدة للغاية للخضوع لتقنيات القرن التاسع عشر القديمة التي كانت ناجحة بشكل كبير في حالة المشاكل ذات البساطة التي تتضمن على اثنين أو ثلاثة أو أربعة متغيرات وعلاوة على ذلك لا يمكن التعامل مع هذه المشاكل الجديدة باستخدام الأساليب الإحصائية التي أثبتت فعاليتها في وصف السلوك المتوسط في مشاكل التركب غير المنظم" وذهب "ويفر" لأبعد من ذلك وقال أن "هذه المشاكل الجديدة، ومستقبل العالم يعتمد على الكثير منهم، يتطلب من العلم أن يأخذ خطوة ثالثة إلى الأمام خطوة يجب أن تكون أعظم من تلك التي كانت في القرن ال19 لغزو المشاكل ذات البساطة أو التي كانت في القرن ال20 للإنتصارعلى مشاكل التركب غير المنظم يجب على العلم تعلم كيفية التعامل مع هذه النوعية من مشاكل التركب المنظم في خلال ال50 سنة المقبلة" لقد مرت حوالي 70 سنة منذ أن قام "ويفر" بكتابة ورقته البحثية وأحد الأهداف الرئيسية لهذا المقرر هو معرفة لأي مدى توصلنا في التعامل مع مشاكل التركب المنظمة وما هي الأدوات الجديدة التي توصل لها العلم للتعامل في هذه المشاكل ومع أننا لن نتطرق بعمق في أي من التعريفات الرسمية في هذا المقرر فإننا سوف نتحرى سؤال ما هي المنظومة المركبة ولهذا السؤال إجابات متعددة مختلفة دعونا نذهب مباشرة إلى الخبراء الوحدة الفرعية التالية تعطي عينة من الإجابات على هذا السؤال بواسطة العديد من الخبراء المعروفين في هذا المجال نلاحظ أنه في حين أن هناك قدر كبير من التباين في الإجابات إلا أنه هناك بعض التوافق على تعريف